الفرق بين ( لم ) و ( ما النافية )

الفرق بين ( لم ) و ( ما النافية )






وردت ملاحظة في الطبعة الأولى لقواعد اللغة العربية للصف السادس العلمي 1430هـ / 2009 م ص41 ما نصه : ( النفي بـ ( لم ) أوكد منه بـ ( ما ) ، لان ( ما ) تحتاج الى قسم لتوكيد نفيها ، ولا تحتاج ( لم ) قسما لتوكيد نفيها ، فتقول: ( لم افعل ) وتقــــول : ( والله ما فعلتُ ) ومثل :
قال تعالى: " وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) " النجم ( 1-2 ).
فقد اتى بالقسم مع ( ما ) ولم يؤت به مع ( لم ) . )وهذه الملاحظة مذكورة في اسلوب النفي منذ العام 1988م وتجددت في الطبعة الأولى عام 2009م . وهي معلومة غير دقيقة في بعض جوانبها وأعترض عليها أكثر من مدرس ولكن مديرية المناهج في وزارة التربية ، وحدة اللغة العربية لم تغيرها ، وقد ورد على هذه الملاحظة أكثر من سؤال وزاري وكانت لجنة الأجوبة الانموذجية تضطر أن تجيب بما يتوافق مع المنهج المقرر . وحسناً فعلــــت وحـــدة اللغة العربيـــة فــــــي المديرية العامة للمناهج عندما حذفت هذه الملاحظة من الطبعة الثانية 2010م والطبعـــة الثالثة 2011م وتركت مكانهـــا فارغـــا وكــــان الأجـدر بهـــا أن تضـــع مكانهــــا :
(لـم) لا تقـــع فـــي جـــواب القســـم بينمـــا (مــا النافية ) تقـــع فــي جــواب القســــم والنفي بـ (ما والفعل الماضي) أوكد منه بـ (لم) . )

ولغرض تسليط الضوء على الفرق بين ( لم ) و ( ما النافية ) أقول :

تدخل ( لم ) على المضارع فتقلب زمنه إلى ماضٍ ، و ( ما ) تنفي الفعل الماضي ، فيفيدان الدلالة على المضي ولكن ثمة فروقا بينهما من نواح أهمها :

1- ان الماضي المنفي بـ ( ما ) يكون في الغالب لنفي الماضي القريب من الحال وأما ( لم ) فليست مقيدة بزمن من أزمنة المضي .

2- إن ( ما ) أوكد مـــن ( لـم ) وذلـك أنهــا تقــع جوابــا للقســـم بخــلاف ( لـم ) .
قـــال تعالـــى : " وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ" الأنعــــام: 23
وقــال تعالـــى:" يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا " التوبــــة: 74
وقـــال تعالــى: "وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) " النجم ( 1-2 )
والقسم توكيد وكذلك جوابه

.ويدل على ذلك أيضا أن منفيها كثيرا ما يقترن بـ ( مِن ) الاستغراقية المؤكدة والتي يسميها النحاة زائدة :
كقوله تعالى :" وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ"ق: 38 "
وقولـــــــــه :" مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ " المؤمنون: 91 "
ولا توجد آية قرآنية يمكن أن يقترن منفيها بـ ( من الزائدة ) ثم لم يقترن بها بخـــلاف ( لم ) فأنها لم يقترن منفيها بـ ( من الزائدة ) على كثرة ما ترددت في القران الكريم . فدل ذلك دلالة واضحة على قوة نفي ( ما ) دون ( لم ) .

3- إن ( ما ) كثيرا ما تكون ردا على كلام أو ما نزل هذه المنزلة . مثــــــــل :
قال تعالى: " وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ " المائدة: 116 " فكان الجواب : " مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ " المائدة: 117 "
وجاء على لسان النسوة في سورة يوسف ردا على التهمة التي ألصقتها به امرأة العزيز : " حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ" يوسف: 51 "
وجاء على لسان المكذبين ردا على قول رسلهم " إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ. قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَن مِن شَيْءٍ" يس: 14 - 15 "

4- إنّ هناك فرقا بين دخول ( ما ) على الماضي ودخول ( لم ) على المضارع من ناحية أخرى وهي : إن الماضي يدل على أن الأمر قد انقضى ، وأما المضارع فانه قد يدل على التكرار والتجدد والتطاول .
قال تعالى: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ " ق: 38 "
وقال تعالى:" قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا "مريم: 20 "
فقال تعالى في الآية الأولى ( وما مسنا ) وفي الثانية ( ولم يمسسني ) .والسبب والله اعلم أن الآية الأولى رد على اليهود الذين يقولون إن الله تعب من خلق السماوات والأرض فاستراح في اليوم السابع ، تعالى الله عما يقولون ، فرد عليهم بـ ( ما ) وجاء بـ ( من الزائدة ) للتوكيد للدلالة على انه لم يحصل شي من ذلك بخلاف الثانية فإنها ليست ردا على من قال إنها مسّها بشر ولكن اخبار عن نفسها بذلك .

والأمر الثاني وهو الذي يعنينا هنا انه في الآية الأولى جاء بصيغة الماضي لان الأمر حدث وانقضى مرة واحدة وهو خلق السماوات والأرض ، وأما الآية الثانية فهي في مس الرجال للنساء وهو أمر قد يتكرر ويتجدد حصوله فذكرت أن ذلك لم يحصل فيما انقضى من عمرها . فثمة اختلاف بين الأمرين فما كان شأنه التجدد والاستمرار نفاه بـ ( لم ) مع المضارع ، وما حدث مرة واحدة نفاه بـ ( ما ) مع الماضي .

5- جاء في ( الكتاب ) لسيبويه في باب نفي الفعل ما نصه : إذا قال : ( فعلَ ) ، فـــان نفيـــه ( لم يفعل ) ، وإذا قال: ( قد فعل ) ، فان نفيه ( لمّا يفعل ) وإذا قال : ( لقد فعل ، فــان نفيـــه ( ما فعل ) . لأنه كأنه قال : والله لقد فعل ، فقال : والله ما فعل . )

والخلاصة من ذلك كله أن النفي بـ ( ما والفعل الماضي ) أقوى و أوكد ( من النفي بـ ( لم والفعل المضارع ) للأسباب آنفة الذكر وليس كما جاء في الطبعة الأولى 2009م وما قبلها في المنهج السابق . كذلك أنّ كل اداة نفي لها استعمالها الخاص والمميز والذي تختلف به عن الأخرى .

نأمل الفائده للجميع